تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
محاضرة بعنوان من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
15778 مشاهدة print word pdf
line-top
شغل الأوقات بالعناية بالقرآن

وصية ثالثة: قد تدخل أيضا في الوصية الأولى التي هي شغل الوقت، فإذا قال المسلم: كيف أشغل وقتي؟ عندي أوقات فراغ، وهذا الفراغ لا بد أنني أقضيه في شيء أتسلى به؛ عندي وقت طويل، إذا جعلت مثلا له جزءا للراحة فأي شيء أقضي به وقتي؟ وهذا سؤال وارد.
كثيرا ما يقول بعض الشباب: عندنا وقت فراغ في أي شيء نشغله؟ وبأي شيء نقطع ليلنا ونقطع نهارنا؟ فنرى كثيرا منهم إذا أصبحوا ليس لهم حاجة إلا المشي والتردد في الأسواق وفي الطرق ركبانا أو مشاة، يقولون: ليس لنا حاجة، فكيف ننحجر في بيوتنا؟! ونرى آخرين منهم يذهب بعضهم إلى بعض ثم يضيعون أيضا وقتا طويلا في القيل والقال، وفي عمارة المجالس بما لا فائدة فيه، ويقولون: نقطع بذلك وقت الفراغ.
ونرى آخرين منهم يكثر منهم الانشغال باللعب، فإما أن يجلس أمام الشاشات، وينظر فيما يعرض فيها مما لا فائدة فيه، أو مما فيه مضرة على العقائد وعلى الفطر وعلى الأوقات وعلى الأعمال، ليس لهم حاجة إلا أنهم يجلسون مقابلين هذه الشاشات وقتا طويلا، نرى أنهم لا يستفيدون شيئا أو بل يتضررون بسماع الغناء، أو بالنظر إلى الصور الملهية وما أشبهها، وأقل شيء يخسرونه وقت طويل يذهب عليهم دون أن ينشغلوا فيه بشيء من عبادة الله -عز وجل- فهؤلاء يعتبرون خاسرين.
ونرى كثيرا منهم يقولون: عندنا وقت فراغ فنشغله بهذا اللهو، فيجلسون حلقات ويلعبون بما يسمونه الكيرم أو البلوت أو لعب لا أهمية لها؛ يقضون فيها ساعات من ليلهم أو ساعات من نهارهم، ليس لهم شغل إلا هذا اللعب الذي يجلب لهم ضحكا، يجلب لهم قهقهة، يضيع عليهم وقت فيه ثمين؛ يدخل في لهو الحديث الذي قال الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ وعاب الله تعالى الدنيا بقوله تعالى: وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وذكر تعالى عقوبة الكفار أهل النار بقوله: الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا ؛ فهؤلاء اتخذوا دينهم يعني عبادتهم وأوقاتهم لهوا ولعبا.
وإذا عرفنا أن كل هؤلاء قد أضاعوا أوقاتهم فإننا ننصحهم ونقول لهم: نوصيكم بوصية تفيدكم، وهي أن تشغلوا أوقاتكم بشيء ينفعكم.
فأولا: نوصيكم بحفظ القرآن؛ الله تعالى أنزل هذا القرآن ليُتَفقَّه وليتدبَر، وجعله هدى وشفاء ويسره، قال الله تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ أي: يسرنا فهمه، يسرنا حفظه، يسرنا قراءته على من أقبل عليها، وعلى من اهتم بها، فقد وفق الله تعالى دولتنا -جزاهم الله خيرا- لأن نشروا هذا القرآن، فيطبع منه أو قد طبع من المصاحف ألوف الألوف أو ملايين الملايين، ونشرت في داخل المملكة وفي خارجها، وتيسر الحصول على المصاحف بسهولة، وقد كنا قبل ستين سنة أو نحوها لا نجد إلا مصاحف ممزقة في قليل من المساجد، والكثير لا يجدونها.
فنقول: إن عليكم أن تهتموا بالقرآن، فتشغلوا به أوقاتكم، ثم عليكم أيضا أن تحفظوا ما تيسر منه، ففي أوقات الفراغ اجعلوا وقت فراغكم لحفظ القرآن، فإنه متى حفظه المسلم أصبح دليلا له إلى الخيرات، وأصبح بيانا؛ قد وصفه الله تعالى بذلك، قال تعالى: هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ وصفه بهذا كله، ووصفه بالشفاء: وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ هذه أوصاف كلام الله تعالى، ولكن لا تحصل هذه الأوصاف ولا تحصل هذه الأمور إلا لمن اهتم بالقرآن، وجعله أو جعل وقته منشغلا به، إن كان حافظا فإنه يردده ويكرره؛ فيثيبه الله تعالى على حفظه، وإن كان غير حافظ فإن عليه أن يجتهد في حفظه أو بما تيسر منه.
كذلك أيضا أمر الله تعالى بتدبره، قال تعالى: لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ وقال: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ وقد وفق الله تعالى العلماء في هذه الأمة لأن اهتموا ببيان القرآن، وتفسيره وتوضيح معانيه، وإظهار دلالاته؛ حتى أصبحت معانيه واضحة لا تخفى على طالب العلم وعلى طالب الفهم؛ فنوصيكم بقراءة القرآن، ثم بقراءة التفاسير، وبقراءة وبتعلم معاني القرآن حتى تعرفوا كيف يُستدل بها، وتعرفوا كيف يُعمل بها، وتكونوا من أهل القرآن الذين هم أهل الله تعالى وخاصته.

line-bottom